|
|
البراك: النطاق العربي سيعزز نمو الإنترنت عربيا
رماح الدلقموني
النطاقات العربية هي عناوين مواقع الإنترنت (Domain names)، ولكن مكتوبة باللغة العربية وتستخدم بنفس الطريقة التي تستخدم بها العناوين الحالية في مختلف التطبيقات التي تستخدم فيها أسماء النطاقات، خصوصا في تصفح المواقع والوصول إليها.
وتعتمد فكرة النطاق العربي على فكرة بسيطة تتمثل في أن يكون لاسم النطاق العربي ترميز مقابل له يخزن في خادمات النطاقات بنظام "ASCII" الذي لا تقبل الخادمات غيره بينما يبقى اسم النطاق في واجهة المستخدم مكتوبا بالعربية أو أي لغة أخرى.
ومؤخرا أهدت شركة السحب الإلكترونية المالكة للعنوان العربي "الجزير.موقع" هذا العنوان لشبكة الجزيرة بحيث يستخدم رديفا للعنوان الإلكتروني الرئيسي aljazeera.net.
ولإلقاء الضوء أكثر على هذا الموضوع للحديث عن أهمية النطاق العربي ودوره في دعم المحتوى العربي وتعزيز استخدام الإنترنت بين العرب كان للجزيرة نت الحوار التالي مع المدير العام لشركة السحب الإلكترونية عبد الله بن محمد البراك الذي تملك شركته رخصة تشغيل النطاق العربي ".موقع".
أولا كيف بدأت فكرة النطاق العربي ".موقع"؟
كانت بداية الفكرة في العام 2009 عندما قررنا التقدم لمنظمة آيكان (وهي الهيئة المسؤولة عن إدارة وتنظيم نطاقات الإنترنت والبنية التحتية لنظام عناوين الإنترنت) بطلب للحصول على النطاق العربي أو ما يعرف بالـ"دي إن إس"، وعندما تأسست شركة السحب الإلكترونية بداية ذلك العام كان ذلك لهدف واحد فقط، وهو العنوان العربي، وأن تكون أول شركة عربية تنطلق بهذا المجال، لكن آيكان التي وعدت بفتح باب التقديم عام 2010 أخرت هذا الموعد حتى العام 2012.
ومن أجل اختيار كلمة تصلح لتكون نطاقا عربيا ملائما كنا بحاجة إلى كلمة تكون مفتاحا لجميع الأنشطة، سواء كانت شركات أم أفرادا أم منظمات اجتماعية ومدنية أم دولا وحكومات، فكانت عملية الاختيار صعبة نظرا لحساسية اللغة العربية، فأجرينا دراسة للمجتمعات العربية على يد مجموعة من المختصين باللغة العربية، ومع البحث اكتشفنا أن كلمة "موقع" هي المناسبة للجميع سواء قطاع الأعمال أو الأفراد، فيمكن القول مثلا "محمد.موقع"، أو "الجزيرة.موقع".
ما الذي يميز كلمة "موقع"؟
كلمة موقع مستخدمة بكثرة، فأنت تشاهد مثلا أن أي مذيع أو مذيعة إخبارية تقول "زورونا على موقعنا"، وهي تعتبر ثاني أكثر كلمة استخداما على محركات البحث بعد كلمة "محمد".
إلى جانب ذلك فإن كلمة "موقع" تعطي نفس المعنى بالفارسية والكردية والأوردو، وبهذا جمعنا كتلة تستخدم جميعها الحرف العربي في نطاق علوي واحد، فوقع الاختيار على هذه الكلمة وتم تجهيز متطلبات التقدم لآيكان في سنة كاملة.
لماذا تقدمتم بنطاق عربي واحد وليس أكثر؟
كان بإمكاننا التقدم لأكثر من نطاق، لكن قررنا المضي بنطاق واحد، لأن الكثرة ليست إيجابية، فالفكرة أن تتقدم بنطاق واحد، وإذا نجح ونال القبول يمكن النظر في التقدم بنطاقات أخرى، خاصة أن فكرة النطاق العربي كانت جديدة ويتخوف كثيرون من الدخول فيها.
فعلى سبيل المثل النطاق الإنجليزي .com مسجل فيه 250 مليون عنوان على مستوى العالم، وبالنسبة للوطن العربي الذي يقدر سكانه بـ400 مليون، بينهم 140 مليون مستخدم للإنترنت فيكفيهم نطاق عربي واحد يشملهم جميعا.
ما أهمية استخدام العربية في كتابة عناوين الإنترنت؟
أولا إن حروف اللغة الإنجليزية تعجز عن التعبير تماما عما يهدف إليه أو يريده المستخدم العربي، وكلنا يذكر كيف بدأ الاتجاه نحو الكتابة بلغة "عربيزي" المستحدثة نتيجة لتلك المشكلة، لكن هذه اللغة بدأت تندثر وتموت.
ويمكنك لمس الاحتياج العربي للغة العربية في تويتر كمثال، فعندما أطلق موقع التدوين المصغر الهاشتاغ العربي انتشر بسرعة وانتهى معه استخدام الهاشتاغ الإنجليزي عند العرب، حتى العربي في المهجر مثلا الذي يكتب باللغة الإنجليزية إن أراد أن يغرد على تويتر فسيغرد بالعربية وإلا لن يجدر من يقرأه.
ما أكثر الدول التي تقدمت بالتسجيل لنطاقات بلغاتها المحلية؟
كانت روسيا أكثر الدول التي تقدمت لتسجيل نطاقات بلغتها الأم، تليها الصين، وكنا العرب أقل فئة، ويعود ذلك برأيي إلى أن الهوس التكنولوجي عند الروسي والصيني أعلى منه عند العربي، كما أن استخدام اللغة عندهم أعلى، ففي الصين مثلا لا تظن أنك ستتوظف بسهولة لإجادتك اللغة الإنجليزية، حيث يجب أن تجيد الصينية بطلاقة، وكذلك الأمر في روسيا.
كانت الصين حتى فترة قريبة تستخدم نظاما خاصا بها لكتابة العناوين الإلكترونية بلغتها المحلية لماذا؟
هذا صحيح، فالصين إلى جانب روسيا والسعودية لا تعترف بآيكان رغم تعاونهم معها، وهم يشترطون لهذا الاعتراف أن يتم نقل المنظمة -التي تتبع حاليا الإدارة الأميركية- إلى مظلة الأمم المتحدة، وهو أمر بات من المرجح حصوله، لكن أود الإشارة إلى أن آيكان منظمة غير ربحية ذات قوانين خاصة، لها مجلس إدارة مؤلف من 16 دولة ويرأسها حاليا عربي لبناني.
فعند انطلاقة الإنترنت كانت تحت إشراف وزارة الدفاع الأميركية، لكن مع انتشارها على مستوى العالم، أصبح الأمر أكبر من قدرة تلك الوزارة على إدارتها، فأسست منظمة آيكان لتولي هذه العملية، وآيكان ذات تمويل ذاتي حيث تحصل على نسبة عن كل عنوان إنترنت يباع.
ما شروط التقدم بطلب تسجيل نطاق لدى منظمة آيكان؟
عند التقدم لآيكان تطرح عليك خمسين سؤالا من بينها ثلاثون سؤالا تقنيا يتعلق بالنظام الذي تديره، أما العشرون الباقية فتتعلق بالوضع المالي والهيكل الإداري والموظفين وغير ذلك من أمور، والإجابة على كل تلك الأسئلة تطلب منا 700 صفحة.
وعند التقديم تختار كل جهة كلمة (نطاق) لا يعلم أحد آخر عنها شيئا، وتعرضها على آيكان لدراستها، فكلمة app مثلا تقدم للحصول عليها 13 شركة من بينها غوغل وأبل، وفي هذه الحالة يتم عمل مزاد لاختيار الفائز. وعندما تقدمنا نحن بكلمة "موقع" لم يكن غيرنا من العرب قد سبقنا إليها، فكنا أول من تقدم بطلب لتسجيل نطاق عربي.
لماذا لم يتقدم آخرون؟
في الحقيقة لقد كلمنا العديد من رجال الأعمال والشركات للتقدم بنطاقات، لكن هذا كان مجالا جديدا عليهم، وكان هاجس الخوف يمنعهم من الخوض فيه، فأغلب من تحدثت معهم كان يقول "من أنا لأنافس .com".
لكن لم يعلم هؤلاء أن أهم رسالة تقدمها أي شركة هي الرسالة التسويقية، فإذا كانت الرسالة التسويقية سيئة انتهت الشركة، وأهم شيء في التسويق هو وجود عنوان واضح، وأغلب الشركات الكبرى ليست لديها عناوين إلكترونية واضحة ويحتاج المستخدمون لاستعمال محرك البحث غوغل للوصول إليها، على عكس حالة استخدام نطاق عربي.
ما آفاق نجاح تجربة النطاق العربي؟
حسب دراسات مجلس التعاون الخليجي لا يزيد عدد الذين يجيدون اللغة الإنجليزية في الوطن العربي عن 10%، أما البقية فيخافون التعامل مع التكنولوجيا بسبب اللغة الإنجليزية، ومع انتشار النطاقات العربية سيزيد عدد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي.
كما أن اعتماد استخدام النطاق العربي سيتيح إمكانية إنشاء بريد إلكتروني عربي يرتبط بالشركة نفسها، وبالتالي زيادة عدد زوار موقعها، فعلى سبيل المثال يمكن طرح خدمة إنشاء بريد إلكتروني "@الجزيرة.موقع" بدلا من ياهو أو جيميل، وبالتالي كسب ملايين المستخدمين الجدد.
حدثنا عن العنوان الإلكتروني الجزيرة.موقع؟
عندما حصلت شركتنا على ملكية رخصة تشغيل النطاق ".موقع"، كان يحق لنا حجز مائة كلمة ضمن قائمة احتياج الشركة أي تعود ملكيتها للشركة، وكانت "الجزيرة" من بين تلك الكلمات، إلى جانب كلمات أخرى مثل قرآن، أقصى، حديث، وأسماء مدن مثل دبي، وفي سبيل التواصل مع الجزيرة وتعزيز لأطر العلاقات بيننا قررنا تقديم العنوان العربي "الجزيرة.موقع" هدية من شركتنا لشبكة الجزيرة وقررنا نقل ملكيته لكم.
والحقيقة أن الإقبال على تسجيل الأسماء كان كبيرا، فعلى سبيل المثال حدثني زميل من الجزيرة لتسجيل العنوانين "جيم" من أجل قناة جيم، و"براعم" لقناة براعم، وذلك بعد يومين فقط من فتح باب بيع الأسماء، فكانت المفاجأة أن اسم "براعم" كان قد بيع. ولهذا فلو لم نحجز اسم "الجزيرة" في قائمة احتياج الشركة لكان الآن ملكا لشخص أو شركة أخرى.
سؤال قد يخطر على بال كثيرين، ما حاجتي لعنوان إلكتروني عربي ما دمت أستخدم محرك البحث لإيجاد العناوين التي أريد؟
محركات البحث، مثل غوغل، قوية في أميركا لأنها تستخدم في البحث عن معلومات عديدة، لكننا في عالمنا العربي نستخدمها غالبا للبحث عن مواقع إلكترونية لأننا لا نعرف اسم الموقع الإلكتروني أو طريقة كتابة عنوانه باللغة الإنجليزية.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن بإمكان غوغل مثلا تخفيض 30% من زوار أي موقع إلكتروني من خلال إعادة ترتيب نتائج البحث، فبإمكان شركة ما تحمل اسم الجزيرة مثلا أن تدفع لغوغل كي يظهر اسمها في رأس قائمة النتائج عند البحث عن "الجزيرة" الإخبارية، وهذا قد يسبب إرباكا للمستخدمين.
كما أن للنطاق العربي أهمية اقتصادية حيث بإمكان الشركة الإعلان عن موقعها العربي على شاشة التلفزيون في خمس ثوان يظهر خلالها اسم الموقع على الشاشة ثم يختفي، ولأنه مكتوب باللغة العربية فسيكون سهل الحفظ والكتابة، في حين لا يعرف كثيرون كيفية كتابة أسماء العديد من الشركات العربية باللغة الإنجليزية.
هل سجلت لديكم شركات أخرى كبيرة لاستخدام النطاق .موقع؟
إلى جانب الجزيرة سجلت لدينا شركات عديدة كبيرة لتسجيل أسماء مثل أرامكو ومايكروسوفت وغوغل ورولكس وتويوتا وإيكيا، وويندوز وأبل ستور، وأود أن أشير إلى أن أبل فشلت في تسجيل اسمها لأنه كان قد سبقها آخرون بالحصول عليه.
وكان اللافت إقبال الشركات العربية السعودية، إلى جانب الإقبال الكبير على تسجيل أسماء الأشخاص، مثل محمد وعبد الله وناصر وفيصل وزيد، وقد نفدت تقريبا أغلب أسماء الأشخاص العربية، لدرجة أنني لم ألحق تسجيل اسمي "وطباخ السم يتذوقه".
كلمة أخيرة
يعد النطاق العربي من أهم مراحل تعريب الإنترنت، وسيساهم في تعزيز الاقتصاد، ففي السابق انتشرت فقاعة الإنترنت التي سميت فقاعة دوت كوم وخلقت من ورائها مواقع واقتصادا وبرمجة باللغة الإنجليزية, لكن لو انطلقت النطاقات بلغات أخرى كالعربية في ذلك الوقت لأصبحت هناك برمجة باللغة العربية وأصبحت هناك خوادم "سيرفرات" بالعربية أيضا.
الجزيرة
|
|
|
|
|