|
|
فستان الصباح
أ. محمد مغناجي
عمان الصبح، الزهور تحمل إلينا عسل الوقت، والثواني تساقط رطبا جنيا، يتنفسنا عمق الحضارة الإسلامية الصافي، روائح مقام شعيب عليه السلام ، تأتينا من كل نحلة جناحها شمس العرب الجميلة ومن كل نفث دار بنية اللون والفراشات تفتح أحضانها البنفسجية لانتقاء القلوب من أماكنها أيهدا البحر الميت البحر الكبير أشجار الغور التي كأنها تيجان حجرية تزهر بها جدائل الأردن شمعدانات التعميدات، كل الشعوب تطوف بعتبتك كل البشر يلونون مناديل النداء الشفاف، لكنها ترتحل على تاريخ آخر، هذا اللوح المحفوظ في سقوف القدر، تترك الصباح والمساء والورد والشمس والفرح والحب والشهوة وسنبلة توشّع حقل الفؤاد ضحى، وتعود عتبات الأمل من جديد تعانق أنفسنا الماضية في طريقتها ودربها، وديارنا الطفولية.
العطور غريبة، كمعابد الرومان والإغريق، الروائح التي تطلع من ألبسة المارة في عمان لها شكل طيوب الخزامى البرية، ونحن مازلنا نرى نرى أنفسنا في مرآتها اللوزية الفاتنة، بلاد زهرة ديك الجن، وأسطورة السوسن البيضاء.
على أنغام "تريو جبران"
ميساج الأشجار:
الأشجار تأكل الأحلام كما الرّيح، الجبل الحنون يذكر ذكرى النّسيم الجاري، الورود التي تشكل عين التّاريخ، مازالت ترسل الأيّام والثّواني، الأشجار ترسل شعرها العسليّ على من ليس له أعين، والأشجار ترفل فوق قبة خاطرها، وسواق بالحنين تتفجر قرب التأملات الخضراء، الأشجار الحمراء والزّرقاء ترقد في منافي الإحساس المقبور...
الورود التّي تسبقنا إلى السّفر...
بدأ السفر الخريفيّ، سافرت الأشجار وأغطية الطفولة الباردة، سافرت الأكواخ الزّاهية بالشمس، سافرت قلوب الصّخر مع الحنانات الرّبيعيات، سافرت الأغاني التّي كانت مخبوءة في الندم، وبعض القصائد التي تركت عشّها، سافرت منارة كانت تشعل لونها لأضالع الظلام، سافر كل حلم، وكل زهر، سافر كل حرف فوق ثانية تختلج بالنور، سافرنا جميعا فوجدنا أنفسنا مع وردة تسبقنا، نرى مرآتنا على فراشات البكاءات المتوالية، ومازال السّفر يشهق بين جنبينا، ويفتح أصواته البريّة على شغف القلب، على توجس النّجوم التي تسبح في جلودنا، والأقمار تتنزّل كالورق المدمّى من الرّحيق السّماويّ، أو من قبر ميّت في قبر المقل الصفراء، السّفر وتر، لا نورة من الأماني التّي غمست وجهها الأبديّ في بحيرات اليأس، السّفر المساء غائر في مناديل أيادينا تطلّ من على شرفة التّخيلات الوردية.
|
|
|
|
|