للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الدكتور محمود السيد: الاستثمار في اللغة العربية .. ثروة

نجوى صليبه

أشار عضو مجمع اللغة العربية ونائب رئيسه الدكتور محمود السيد إلى أهمية اللغة وقيمتها الاقتصادية وأهمية الوقوف على مجالات الاستثمار في اللغة العربية من جهة أخرى، على أنّ هذا الاستثمار رافد أساس وهام في عملية التنمية المستدامة.
وتحدث السيد في المحاضرة التي أقامها في مجمع اللغة العربية منذ يومين عن الوظائف المتعددة التي تؤديها اللغة في حياة الفرد والمجتمع.
وقال: لا تكمن أهمية اللغة في أنّها ليست فقط وسيلة للتخاطب والتواصل بين الجماعات والأفراد، وبين المرء وذاته، بل هي رمز للهوية التي تميز شعباً عن شعب، وتطبع حضارته ودرجة حضوره في مسرح الوجود والحياة، وصولاً إلى الاستدلال على ما في أعماق النفس وتصورات الذهن.
وأضاف: ثمة تلازم بين الفكر واللغة فمن لا عقل له ولا فكر فلا لغة سليمة له ولا سبيل إلى اعتباره جزءاً ملتحماً بالكل الذي هو المجتمع، ومن لا يحسن النطق أو لا يتمتع بمنطق سليم ولسان معافى فهو مختل التواصل مع المجتمع، ومعتل الفكر.
وقال السيد: في عصرنا الحالي عصر العلم والتقانة والمعلوماتية أضحت اللغة هي الوجود ذاته، وأصبح هذا الوجود مرتبطاً بثقل الوجود اللغوي على الشابكة "الإنترنت"، وقديماً قال سقراط لجليسه: تكلم حتى أراك. أما اليوم فالشعار هو تحاور عن بعد حتى يراك الآخرون وتراهم، ومن ثم ترى ذاتك أنت وهي بعيدة عنك أو لصيقة القرب منك في عصر بات سؤال الهوية: من أنا؟ ومن نحن؟ مطروحاً بشدة وعلى أوسع نطاق في عالمنا.
وتابع السيد: وتعدّ اللغة الحامل للموروث الثقافي للمجتمع، وعاملاً من عوامل التنمية الاقتصادية في المحيطين الاجتماعي المحلي والمحيط الدولي كليهما، والتنمية الاقتصادية لا يمكن أن تحدث مستقلة عن التغييرات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وهذا يترك آثاره على اللغة ليس بوصفها رصيداً ثقافياً فحسب، بل بوصفها واقعاً اجتماعياً ذا منافع اقتصادية وسياسية أيضاً في المجتمع الحديث مجتمع المعرفة.
وينظر إلى عملية التنمية في المجتمع الحديث، مجتمع المعرفة، على أنّها لا تجري إلا بالتنمية البشرية المستدامة التّي لا تتحقق إلا بالاستثمار الصحيح للإنسان وخاصة معرفته العلمية ولغته العلمية والتقانية والتي تنعكس خصباً ونماءً في دروب التنمية وفي جميع المجالات، مؤكداً أنّ لغتنا العربية ليست نحواً وصرفاً وألفاظاً يضمها القاموس، وإنما لها وظيفة أخرى أكبر وأهم وأشمل هي الوظيفة الحضارية والسياسية، إنها ثروة قومية حقيقية ذات عوائد اقتصادية كبيرة في مجتمع المعرفة.
وتقوم اللغة العربية بدورين اثنين من الناحية الاقتصادية، أولهما:عندما ينظر إليها على أنها أداة في الاقتصاد وفي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول والأمم، إذ يعدّ استعمال اللغة بمردود جيد وكفاية عالية أساساً لتحقيق النمو الاقتصادي وضرورياً في عملية التنمية، وثانيهما: عندما ينظر إليها على أنّها صناعة وسلعة في القطاع الاقتصادي، إذ تزايد دور الصناعات الثقافية وقاعدتها اللغة الوطنية في الاقتصاد العالمي مؤخراً تزايداً كبيراً جداً.

ويقول السيد: لما كانت اللغة العربية اللغة الوطنية في الدول العربية بحسب دساتيرها كان الاستثمار في اللغة الوطنية يعني الاستثمار في توطين الصناعة والتجارة والتقنية والمعارف المختلفة، ولا يمكن أن يتحقق أي نجاح إلا بإتقان اللغة الوطنية وتوظيفها وتفعيلها في جميع المجالات.
ويضيف: الاستثمار في اللغة الوطنية الاستثمار في الإنسان والأجيال القادمة، وضمان وحدتها وتمسكها بقيمها وثوابتها ومكتسباتها ومرجعياتها وتاريخها، ومنحها الفرصة للمناقشة في جميع الميادين، مع حفاظها على هويتها، كما أنّ الاستثمار في اللغة يعني الاستثمار في الجودة والإتقان والإبداع والابتكار في كل ما يتعلق باللغة العربية من وظائف وأعمال تعتمد على المهارات والقدرات والتفكير، وإذا كانت العملة الوطنية من مقومات السيادة الوطنية، ولا يمكن أن تحل محلها عملة أجنبية فإن اللغة الوطنية هي من أهم أدوات تعزيز المواطنة.
ويؤكد الدكتور محمود السيد أنّه إذا وقفنا على توجيه رأس المال نحو الاستثمار في معالجة اللغة العربية فإنّنا نتوقع عائداً كبيراً للمستثمر نفسه وللغة أيضاً، وذلك للأسباب التالية:
*قابلية هذه الاستثمارات للنمو نظراً لاتساع سوق اللغة العربية في المنطقة العربية، وتزايد الطلب على برامج المعالجة اللغوية.
*تفاعل الثقافة العربية والإسلامية مع ثقافات العالم المختلفة عبر الشابكة "الإنترنت"، وتنامي رغبة المستخدم العربي في إثبات ذاته من خلال لغته العالمية، وإقبال غير العرب على برامج تعلمها.
*مرونة اللغة العربية وقدرتها على استيعاب التقنيات المختلفة لتعدد خصائصها وتفردها، ما يجعلها حقلاً خصباً للدراسات التنظيرية اللغوية بصفة عامة، ما يضمن رواجاً لها في حركة البيع والشراء عند الطلب وتنامياً في وسائل العرض.
ويشير السيد إلى بعض مجالات الاستثمار في اللغة العربية على سبيل المثال لا الحصر متمثلاً في:
*تصنيف المعاجم للاستعمال العام.
*تصنيف معاجم المصطلحات في مجالات محددة.
*برامج معالجة النصوص.
*الترجمة الآلية.
*الذكاء الصناعي، وبخاصة إنشاء نظم المعلومات وبنوك المعلومات.
*تحسين الاتصال بين الإنسان والآلة أي تطويع لغات الحاسوب للغة العربية.
ويتابع السيد: إنّ جعل لغة قابلة للمعالجة إلكترونياً يتطلب استثمارات كبيرة ليس من المتوقع أن يقوم بها القطاع الخاص إلا عندما تعد بتحقيق عائد، أمّا في حال انعدام العائد فإن البلاد الغنية وحدها هي التي يمكنها الإنفاق عليها، وهذا الاستثمار لن يكون معقولاً من الناحية الاقتصادية إلا إذا كانت اللغة التي نحن بصددها متطورة تطوراً كافياً، وتستجيب بدرجة عالية لمتطلبات الخطاب التقني والعلمي. ومن نعم الله على أمتنا أن كانت لغتها العربية متطورة ومستجيبة لروح العصر ومتطلباته العلمية والتقانية.
ويخلص الدكتور محمود السيد إلى أنّ عملية التنمية لا تجري إلا بالتنمية البشرية المستدامة، وهذه لا تتحقق إلا بالاستثمار الصحيح في الإنسان وخاصة معرفته، وأن اللغة هي وعاء المعرفة ولاسيما معرفته العلمية والتقانية، وأن دور اللغة العلمية والتقانية في تحسين مردود القوى العاملة أي باللغة الأم يتعاظم بدرجة كبيرة مع التوجه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة، وأنّ استعمال اللغة العربية يعد بمردود جيد وكفاية عالية أساساً لتحقيق النمو وضرورة ماسة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك لأسباب عدّة يذكر منها السيد:
*توفر اللغة تبادل المعرفة ونقلها وتبادل الخبرة بين أفراد المجتمع ومؤسساته، وهي وسيلة التواصل بين مكونات منظومة العلم والتقانة، فهي كالمال.
*يحقق إتقان القوى العاملة للغة العلمية والتقانية نقل التقانة للمجتمع من منابعها العالمية.
*إن العمل المشترك المنتج والفعال في المكتب والمصنع والحقل يحتاج إلى لغة علمية وتقانية حية، وإن العمل المشترك يؤدي إلى زيادة دخل الجميع، وهذا لا يتحقق إلا باستعمال اللغة الوطنية -اللغة الأم-.
*إن تعلم العلوم والتقانة والتدريب عليهما، وتحويل هذه المعرفة إلى خبرات وأفعال ومنتجات وخدمات يحتاج إلى انتشار هذه المعلومات والخبرات بين أفراد المجتمع.
*إن استخدام التقانة استخداماً فعالاً من قبل القوى العاملة ومن أفراد المجتمع يحتاج إلى انتشار هذه المعلومات والتقانات باللغة الأم بغية الوصول إلى ما يسمى مجتمع المعرفة، ولا يمكن أن يكون بلغة أجنبية في المجتمع.

تشرين

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية