|
|
|
|
فرنسا تسعى إلى الحفاظ على وضع متميز للغتها في المغرب
الطاهر الطويل
يعيش حزب «العدالة والتنمية» المغربي هذه الأيام أمام محك قوي لاختبار أحد شعاراته الانتخابية السابقة ووعوده الحكومية على أرض الواقع، ويتعلق الأمر بالقضية اللغوية، من منطلق أن اللغة العربية توجد في قلب سجال قوي، يتجاذبه طرفان أساسيان في الساحة السياسية المحلية، أحدهما فرنكفونوي يسعى إلى الحفاظ على الفرنسية في التعليم والإعلام والمعاملات الإدارية والاقتصادية وغيرها، والطرف الثاني يبذل قصارى جهوده لإقصاء اللغة العربية من أجل أن تحل محلها اللهجة العامية.
وفي الوقت الذي ينتصر فيه حزب عبد الإله بن كيران (رئيس الحكومة المغربية) للغة العربية في خطابه السياسي، فإن عوامل ضغط أخرى ـ داخلية وخارجية ـ تحاول توجيه الدفة عكس ذلك الخطاب.
وبهذا الخصوص، لاحظ مراقبون كيف أن استراتيجية «الهندسة اللغوية الجديدة» التي رفعها المجلس الأعلى للتعليم إلى العاهل المغربي محمد السادس منذ بضعة أسابيع، أقصت مطلب الكثيرين في جعل العربية لغة أساسية لتدريس العلوم والمعارف، وأعطى أهمية قصوى للفرنسية بوصفها «لغة انفتاح»، على حد تعبير المجلس المذكور، فيما تُضاف إليها الانكليزية في مراحل لاحقة من أطوار التعليم.
المنتصرون للغة الضاد لم يبقوا مكتوفي الأيدي أمام هذا المستجد، فمن جهة نظم «الائتلاف المغربي لترشيد الحقل اللغوي» مناظرة حول «السلامة اللغوية في المغرب»، دعا فيها إلى اعتماد العربية لغةً للتدريس، بما في ذلك تدريس الرياضيات والعلوم، وتطبيق المقتضيات الدستورية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية. ومن جهة ثانية، دقت مجموعة من المثقفين المغاربة ناقوس الخطر حول وضعية اللغة العربية بالمغرب في فضاءات التعليم والإدارة ووسائل الإعلام، وصاغوا بيانا وجهوه إلى الديوان الملكي ورئاسة الحكومة من أجل إنقاذ اللغة القومية.
ويستغرب ملاحظون تلكؤ الحكومة المغربية في إخراج «المجلس الوطني للغات والثقافات المغربية» الذي نص عليه دستور 2011، وأيضا لتأخر تنفيذ مشروع «أكاديمية محمد السادس للغة العربية» التي أُطلقت فكرتها قبل 12 سنة. وفي المقابل، يستغربون التفاعل الإيجابي الذي تبديه الحكومة مع التوجه الفرنكوفوني. وبهذا الصدد، كشفت صحيفة «المساء» قبل ثلاثة أيام، أنه في عز السجال حول الفرنسية ولغات التدريس في التعليم العمومي في المغرب، وقعت الرباط وباريس على اتفاق «إعلان نيات» بشأن التعاون في مجال التعليم، يهدف إلى تقوية حضور اللغة الفرنسية في المدارس المغربية، وتطوير الشعب الفرنكفونية، وذلك خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة المغربية بمعية بعض وزرائه إلى فرنسا.
ويتساءل متابعون، إزاء هذا المعطى، عما إذا كان الأمر يتعلق بازدواجية وتناقض بين الخطاب والممارسة لدى حكومة يقودها حزب إسلامي، لكونها ترضخ لضغط «اللوبي الفرنكوفوني» المحلي والدولي. هذا، بينما تتعإلى أصوات من طرف بعض الباحثين المغاربة تطالب بإعطاء الأولوية للانكليزية لغة ثانية عوض الفرنسية، بالنظر إلى محدودية نطاق انتشار هذه الأخيرة على المستوى العالمي.
يذكر أن الدستور المغربي الجديد المصادق عليه عام 2011 نص في ديباجته على لغتين رسميتين في البلاد، هما العربية والأمازيغية، مع الانفتاح على اللغات والتعبيرات الثقافية الأخرى.
القدس العربي
|
|
|
|
|
|