|
|
لماذا ضعف مستوى التكلم باللغة العربية؟
أ. سميرة بيطام
بإيماني القاطع أن اللغة العربية مرت بمراحل اغتيال فاشلة ، و كيف لا و هي من صارعت و لا زالت تصارع من منطلق الأحقية في مكسب ثابت و ارث لغوي يضفي للهوية تجديدا في البقاء و لكن بصيغة مغايرة غير تلك التي عرفت بها على أزمان سابقة أين تلون و ترسب الران المحول لإشكالية اللغة العربية إلى بصيرة عمياء ليست يفقه أصحابها بل لا يريدون التفقه في أصول هذه اللغة العربية التي مجد لها القرآن منطلقها كونها اللغة السامية و اللغة المنطوق بها بلسان عربي فصيح ، و عليه أخذت اللغة العربية من الإسلام سندا لها و رتبت في المرتبة الأولى لتبقى على روعتها و خلودها ، فلم تستطع محاولات أن تنال منها إن هي قورنت بلغات أخرى كتب لها الفناء مثل اللاتينية التي بقيت محصورة بين المعابد، و لنا أن نستدل بمقولة المستشرق الألماني ألفريد غيوم " إن اللغة العربية لم تصر حقا عالمية إلا بسبب الإسلام و القرآن و قد وضع أمامنا علماء اللغة العرب باجتهادهم أبنية اللغة الكلاسيكية و كذلك مفرداتها في حالة كمال تام ، و انه لا بد أن يزداد تعجب المرء من وفرة مفردات اللغة العربية ، عندما يعرف أن علاقات المعيشة لدى العرب بسيطة جدا ، و لكنهم في داخل هذه الدائرة يرمزون للفرق الدقيق في المعنى بكلمة خاصة ، و العربية الكلاسيكية ليست غنية فقط بالمفردات و لكنها غنية أيضا بالصيغ النحوية ، و تهتم بربط الجمل ببعضها و هكذا أصبحت اللغة ( البدوية) لغة للدين و للمنتديات و شؤون الحياة الرفيعة ، و في شوارع المدينة ثم أصبحت لغة المعاملات و العلوم ، فان كان كل مؤمن غالبا جدا ما يتلو يوميا في الصلاة بعض أجزاء من القرآن فان معظم المسلمين يفهمون بالطبع بعض ما يتلون أو يسمعون إن لم يكن الأكثرية ، و هكذا كان لا بد أن يكون لهذا الكتاب من التأثير على لغة المنطقة المتسعة ما لم يكن لأي كتاب سواه في العالم ، و كذلك يقابل لغة الدين و لغة العلماء و الرجل العادي بكثرة ، و يؤدي إلى تغيير كثير من الكلمات و التعابير في اللغة الشعبية إلى الصحة" ، و هذا ما أداه القرآن الكريم الكتاب السماوي المقدس من نشر و توسعة للغة العربية .
من جهة أخرى إن كان هذا كلام مستشرق يوضح فيه مدى تطور اللغة العربية في الاستعمال فكيف لنا أصحاب المنطق العربي في الكلام نغفل أو نتعمد عدم الإقرار بهذه الحقيقة التي ستبقى خالدة و ستضرب كل محاولات التغريب عرض الحائط ، لذلك السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة هو : لماذا ضعف مستوى التكلم باللغة العربية على الرغم من أن مكانتها أقرتها أقلام العلماء و الكتاب و الفقهاء و الأدباء و المستشرقين و حتى الغيورين منها صرحوا في نهاية المطاف من أن اللغة العربية هي سيدة اللغات ، و إن فيها من الجمال ما لم تحظى أي لغة أخرى ؟ و لما التعمد في عدم ممارسة اللغة العربية في عقر دارها؟.
أكيد هي معركة التغريب تتخبط فيها اللغة العربية و لا احد يخفى عليه أن في برنامج أي استعمار لأي بلد مسلم قوي بمبادئه هو تجريده من مقوماته و من أصالته و هذا لبقائه و سيطرته على البلاد المستعمرة و خير مثال لهذا المخطط الجبان ما تعرضت له الجزائر إبان الاستدمار الفرنسي و محاولته طمس معالم الشخصية الجزائرية القوية و العريقة في جذورها جذور الأحرار ، البربر المتمردين على كل من يمس بهويتهم و بلغتهم ، و لا يزال هذا المخطط ساري المفعول ليومنا هذا على أيادي أذنابها ، و منه أصبحت اللغة العربية بين مطرقة مخلفات الاستعمار و بين سندان إصرار أبنائها البررة للحفاظ عليها كإحدى مقومات الدولة القوية و التي لا تزال أكيد قوية بصمود الواقفين من رجال الكلمة و الضمير ، أما الغير ممن يتكلمون باللغة الفرنسية فهم يمثلون طائفة من الناس يعبرون عن نفحة عابرة ستؤول للزوال مع الوقت لأنه حينما يعرف السبب يبطل البرنامج و تعود الأمور إلى نصابها مثلما عرفت عليه في بداية نشأة الدولة و بقوامتها الصحيحة.
فرسالة لكل من شعر بضعف في التكلم باللغة العربية أن يتعلم قراءتها في القرآن الكريم ليربح اجرين ، اجر قراءة كلام الله و الأجر الثاني هو اجر تعلم اللغة العربية الجميلة و أن يتداول استعمالها أينما ذهب في البيت و في الجامعة و في العمل و سيرى أكيد تحسنا لذاك الضعف بل تقدما في النطق بالعربية القديرة..حفظ الله لنا أوطاننا و حفظ لنا مبادئنا و هويتنا و على رأسها اللغة العربية...
|
|
|
|
|