للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

متى تصبح اللغة العربية لغة المستقبل؟

أ. سميرة بيطام

 

ان الأرضية التي وجدت عليها و فيها اللغة العربية كانت متينة و ذات امتعة صلبة من ذرات التعريب ، اذ لم تكتف لها بمجرد ان يملك ناطقوها حق النطق و الامتثال طواعية و ليس كرها لكل فنيات اللغة خاصة للمهتمين بفنونها و دراساتها ، طواعية لأن ما كان أصل اعتناقه فلا سؤال  و لا جدال في مضمونه اما  كرها ، فليس منطقيا أت تكره شخصا ان يتكلم لغة هو لا يحبها حتى لو كانت تلك اللغة في صدارة اللغات ، و من هنا نفهم بعد أن نستنتج أن القوامة اللغوية هي حرية واسعة النفاذ و النطاق يمارسها كل فرد وفق ما نشأ عليه في البيئة التي لقنته النطق السليم و باللغة التي يحبذها والديه ، يعني ما فطر عليه الانسان و فرضته جينات الوراثة من ضرورة اتباع النسق الانتمائي وفــــق ميولات العقيدة و القانـون ( الدستور) و تتقوى تلك الفترة بالاكتساب و التلقين و التعلم ، أما ما كان لأجل التعلم و اكتساب رصيد لغوي جديد فذاك طموح مستقيم و شرعي ، كيف لا و نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على تعلم لغات القوم لنتقي شرهم ، هنا مكمن الحكمة من تعلم اللغات الأجنبية و هو المعرفة و تطوير أساليب التخاطب بين مختلف اجناس البشر في السفريات و مبادلة الممارسات التجارية و كذا التبادل التعليمي في اطار التبادل الثقافي و التحصيل الدراسي.

لكن ما يهمنا من باب حبنا للغة العربية بل عشقنا للحرف العربي هو تساؤل قد يطرحه كل غيور على قدسية هذه اللغة و هو كيف تصبح هذه اللغة لغة المستقبل ،و ما أقصده بلغة المستقبل هو ان تحتل صدارة الاولوية و التفوق و التوسعة ، يعني تلك العالمية التي اشتهرت بها اللغة الانجليزية ، فهل بإمكان العربية ان تزيحها من مكانها  بقوة فرضها من قبل محبيها و بفضل كنزها و موروثها الأدبي الذي جال امخاخ المستشرقين و الغيورين منها ليتحولوا الى غيورين عليها و القائمة كثيرة تشهد بها شواهد امهات الكتب العريقة و الأسماء طويلة لمن اعترفوا بنبل هذه اللغة و نذكر على سبيل المثال و ليس الحصر المستشرقين منهم :

قال المستشرق الفرنسي رينان : 
  "من أغرب المُدْهِشَات أن تنبت تلك اللغة القومية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحارى عند أمة من الرُّحل تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها ، وحسب نظام مبانيها ، ولم يُعْرَف لها في كل أطوار حياتها طفولة ولا شيخوخة ولا نكاد نعلم من شأنها إلا فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبَارى ، ولا نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملة من غير تدرج وبقيت حافظة لكيانها من كل شائب".
أما المستشرقة الألمانية زيفر هونكه فقد قالت : 
"كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم ، وسحرها الفريد ؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى من  سحر تلك اللغة".
قال المستشرق الألماني اوجست فيشر: و قد
   "وإذا استثنينا الصين فلا يوجد شعب أخر يحق له الفخر بوفرة كتب علوم لغته غير العرب".
اما الفرنسي وليم مرسيه فقال:  
    "العبارة العربية كالعود ، إذا نقرت على أحد أوتاره رنت لديك جميع الأوتار وخفقت  ثم تُحَرَّك اللغة في أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر مَوْكباً من العواطف والصور".
انها شهادات و اقرارات مختلفة لمن أعجبوا بزخم اللغة العربية ، فما بالك باهلها الحقيقيين من العرب ، فضلا عن تبيان أثر القرآن الكريم في تطور هذه اللغة و غلبتها على باقي اللغات في شكلها و مضمونها.
و من هنا جاءت فرضية أن تكون اللغة العربية هي لغة المستقبل في صدارة منافسة لغات العالم و العالم هذا اكيد سيعجب بالتدريج بجمال هذه اللغة و لن يسعه الا الاستسلام لهيمنتها الجريئة و الارتجالية من غير حاجة لدعم مدافعيها عنها ،اذ يكفي انها لغة القرآن و الذين يدخلون الاسلام افواجا عديدة هم كثر الآن و يكفي أنه عامل مبشر بالخير لهذه اللغة .
       و قد تروم الدراسة الى تقديم رؤية مستقبلية تهدف الى وحدة اللغة من أجل عدم تشتت الجهد و الهدر في الوقت و المال الذي يسببه عدم الركون الى لغة عالمية موحدة ، و قراءة المستقبل او التمني له من أهم علوم العصر ، و هو ما يطلق عليه :
علم المستقبل.futurology   
الذي أخذ ينمو و ينتشر بعد الحرب العالمية الثانية بخاصة ، و أصبح يتميز بصفته العلمية و أسلوبه المنطقي الاختباري على أن هذا العلم لم يظهر في عالم العلوم فجأة ، و انما جاء ليرث ميراثا طويلا من تاريخ البشرية (1).
و عليه ، يتطلب لتصبح اللغة العربية لغة منتجة للعلم ، لتتبوا المكانة الرفيعة بين لغات العالم ، و يوم ان كانت العربية في عصور ازدهار الحضارة الاسلامية ، لغة للعلم بمدلوله الشامل، ارتقت الى الذروة و حازت قصب  السبق بين اللغات العالمية ، حتى صار طالب العلم من أي ملة أو عرق كان يتخذ من العربية وسيلة لاكتساب العلوم و الاحاطة بها و التبحر فيها و من هذه الاهمية يمكن للنخبة العربية ان تكون منقذة للعربية من أزمتها ، أزمة محاولة تهميشها في عقر دارها لأسباب واضحة و هي تطبيق المخطط الاستعماري بآليات جديدة و لكنها تعمل على تحقيق الهدف المنشود منذ قرون خلت مثل ما يحدث للغة العربية في الجزائر كمثال حي. و عليه يجب على اللغة العربية أن تحمل ر اية النهوض لأنه ليس صعبا ان ننهض مرة أخرى فقط لابد لنا من الاحتكام الى منطق العقل  و الى قياس 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1) ظ : اللغة العربية و الفكر المستقبلي للدكتور عبد العزيز شرف : نقلا عن الدكتور سليم عبد الزهرة محسن الجصاني ، مستقبل العربية ومؤازرة فرضية اللغة الموحدة ، من كتاب المؤتمر الدولي الرابع للغة العربية ،دبي، 6-10 مايو 2015 ،ص 453



الحاضر على الحاضر و عدم الاكتفاء بالحاضر فقط بل محاولة تطويره الى ما يواكب او يفوق درجة التقدم و الرقي للغات الأخرى خاصة اللغة الانجليزية و الاسبانية و الصينية ،و لابد من قياس العرف  على الغرب بمراعاة الخصوصيات و حتما سيكون النهوض بل سيتحقق الرقي و التفوق و من ثم تتحقق الريادة  . و اذا استطعنا الجمع بين تطوير المنهج 
التربوي في المدرسة مع اضافة معتبرة في تنمية الاقتصاد و تحقيق نوع من التوان الاجتماعي بالتقليل من الآفات الاجتماعية ، و تطوير البحث العمي في الجامعة فانه بالإمكان  تفعيل المؤسسات و هياكل الدولة على النحو الذي يحقق اكتفاءا علميا و اقتصاديا و بالتالي ذاتيا متشبعا بمقومات الانتماء من اللغة و الدين ، فهنا تتحقق النهضة و يستمر البناء و نصل في مجال المنافسة الى اقتحام المراتب الأولى عالميا ، فليس تقدم الدول الحديثة كماليزيا و الامارات و غيرها من لدن قدرة عجيبة انما كانت بتسطير رؤية استراتيجية بناءة على يد قيادة رشيدة و سعت في مخططاتها و حظت بالتقدم و لا زالت تواصل مسيرة البناء ، فلما لا تكون اللغة العربية هي بوصلة الرقي بل هي البرنامج الأساسي لمخطط أي تحضر؟.
فالتجارب الناجحة تحتاج لان تكون نماذج يحتذى بها بمجاراة التحديث و التجديد ،خاصة و اننا نعلم ان العربية ليست كالفرنسية التي عرفت مراحل صعبة في خطواتها التأسيسية ، لأن اللغة العربية قائمة بذاتها تنقصها فقط العقلية المسيرة لها و بأمانة الحفاظ عليها من كل شائبة من شانها التحريف بها او الحاق الضرر بها من حيث المخزون اللفظي و الأدبي ،فهي بحاجة للتمكين بها في أوطانها ثم النقل بها الى الخارج في المعاملات و التبادلات و طرق التواصل و الاستثمار ، و اشتراطية التعامل بالعربية من شانه ان يخلق لها فرضا محكما من التكلم بها و الا فلا تمام لأي صفقة من الصفقات  فتصبح الزامية بل أن كانت فرض عين ،فمشروع الذخيرة اللغوية مشروع قوي يحتاج للدعم و التدعيم و الدفع به الى المنافسة بكل جرأة بعيدا عن الخوف من الاحباط او الفشل ، لأن ما كان له ركيزة و دعامة متينة فلن يطاله الوهن مهما تعددت الأسباب ، و عليه فان التفاؤل بان تكون العربية لغة المستقبل امل قائم بيقين انه ستحتل الصدارة في يوم من الايام بشرط ان ندفع بها الى الأمام و لا نعود بها الى الوراء ، فما عاد للوراء اضمحل و اندثر و كتب له الفناء التدريجي و ما تقد م للأمام نال من شرف الرفعة و المهابة ما يكفيه للتفوق و الامتياز بتميز العروبة و العرب.

 




 

 
 

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية