للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

العربية بين تصحيح الاختلالات و ... اختلالالات التصحيح

أ. الصادق بنعلال

 " لا توجد أي دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الاعتماد على اللغة الأم ، و هذا يحصل حتى في إسرائيل ، و الصين و الهند ، و إيران بعد أن حصل مع اليابان " : البروفسور المهدي المنجرة

 -  انطلقت الاحتفالات باليوم العالمي للغة العربية في مختلف المراكز و المؤسسات التربوية و الثقافية العربية و الدولية ، على شكل عروض و مؤتمرات و لقاءات ، و أنشطة نوعية لاستقراء راهن اللغة العربية و استجلاء مستقبلها ، في سياق حضاري كوني محموم ، و " سباق " لغوي موسوم بتضارب المصالح و تداخل النوايا غير الشريفة ، لفرض وقائع لغوية لأغراض " " أيديولوجوية " و" سياسوية "  بالغة الخطورة عربيا .
-  و ما من شك في أن أي مراقب أو مهتم بالشأن اللغوي إقليميا و عالميا ، يدرك دون أدنى عناء أن اللغة العربية تواجه حروبا عدائية  مدمرة ، سواء من خلال الدعوات " العلمية " إلى التلهيج أو من خلال بعث الحياة في " لغات أقليات أصيلة " ، أو عبر وسائل الإعلام الحديثة و البرامج التعليمية الموجهة  .. و الواقع أن أي احتفال باليوم العالمي للغة العربية يجب ألا يقتصر على نظم قصائد المدح ،  و التنويه و التبجيل لصاحبة الجلالة اللغة العربية ، فيكفي العربية فخرا مستحقا أنها ظلت و لقرون مادة الإنتاج الحضاري و الإبداع الثقافي  و التشكيل العلمي للفكر البشري  ، و استطاعت و بثبات أن تصمد أمام مخططات الإبادة و سياسات  التطهير ، لما تملكه من مقومات المناعة الحضارية  تقيها من مصير الاستسلام و الذوبان !
-  و يهمني في هذه الورقة أن أقف بعجالة أمام مذكرة جديدة لوزير التربية الوطنية المغربي رشيد بلمختار ، حول تدريس مواد علمية بالتعليم الثانوي باللغة الفرنسية . ففي اللحظة التي قررت فيه الهيئة الاستشارية لخطة تنمية الثقافة العربية التابعة لليونسكو اعتماد موضوع ( اللغة العربية و العلوم ) لدورة 2015 لليوم العالمي للغة العربية ، يفاجئنا السيد الوزير  بهذه المذكرة المؤرخة ب : ( 19/10/2015 ) و التي جاء فيها : " و بعد ، فتصحيحا للاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية و خصوصا منها تلك المتعلقة بتكامل المواد التعليمية في السلك الثانوي التأهيلي ، فقد تقرر ... تدريس مادتي الرياضيات و العلوم الفيزيائية باللغة الفرنسية ... " . و من فائض القول التذكير بأن المنظومة التعليمية المغربية تشكو منذ عقود و ليس الآن ، ضروبا من الاختلالات و العلل الهيكلية ، سواء تعلق الأمر بمواد التدريس أو الطرق و المناهج و الآليات التربوية بالغة المحدودية ، أو بنوعية الحكامة الإدارية و هشاشة البنية التحتية ، لإنجاز مدارس تكون فضاء نوعيا و مخصوصا لتلقي المعرفة بحصر المعنى .. بيد أن كل هذه المعيقات و العراقيل التي تقف في وجه أي انطلاقة  مفصلية نحو الخلاص ، و اللحاق بالنماذج التعليمية العالمية الناجحة لا تتحملها اللغة العربية ، بقدر ما يتسبب فيها غياب سياسة تربوية متكاملة و محكمة البناء ، تروم التعاطي الأمثل مع مفردات المنجز التعليمي ، و استشراف الآفاق المستقبلية بمنهجية علمية و عقلانية ، بعيدا عن التخبط و اتخاذ القرارات الفردية و المرتجلة ، و الغلو في " تصحيح " اختلالات بنيوية برؤية مختلة !
-  إن الخروج من دوامة الإصلاح و إصلاح الإصلاح في الميدان التعليمي بالمملكة المغربية ، لا يحتاج إلى مزيد من التنظير والبرامج الاستعجالية والرؤى الإستراتيجية المكلفة ماديا و معنويا ، بقدر ما يحتاج إلى  قليل من " الكلام " و كثير من " العمل " ، و بمجرد العودة إلى ميثاق التربية و التكوين الذي أنجز من قبل أبرز خبراء و ممثلي المؤسسات الرسمية و المدنية الوطنية منذ حوالي خمس عشرة سنة ، ندرك بجلاء أن خطيئتنا الكبرى هي الوفرة في " الإنتاج "  و الخصاص في " التنفيذ " . فلماذا نحمل اللغة العربية التي شكلت لحمة و سدى المعارف البشرية في فترات الإشراق و الخسوف الحضاريين ، مسؤولية تراجع مستوى التعليم و التحصيل العلمي ، و هل اللغة الفرنسية " المحببة " عند قلوب بعض المسؤولين المغاربة قادرة على إحداث المعجزة ، و إيجاد حلول سحرية  كفيلة بإلحاق المغرب بالدول الصاعدة تربويا و تنمويا ؟ و الحال أن الفرنسية التي لا نكن لها أي عداء مسبق أو مبرمج ، لا تعتبر في عرف الخبراء البيداغوجيين الدوليين لغة الإقلاع العلمي ، كما هو الشأن بالنسبة للغة الإنجليزية على سبيل المثال . في اعتقادنا الشخصي أن اللغة القادرة على بلورة نهوض عربي سياسي و ثقافي و علمي في راهن و مستقبل مجتمعاتنا هي العربية ، مع الانفتاح على مختلف اللغات و الثقافات الإنسانية الرائدة ،  بعيدا عن أي مزايدة أو مبالغة غير محمودتين ، شريطة  أن تتجسد في عالمنا العربي إرادة سياسية صادقة و رغبة حقيقية في البناء و الإصلاح و التنمية و الديمقراطية بعموم الدلالة !
 
 

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية