أ. كفاح حسن المطر
فـي ديمة الغيب كمـال طهوره و بمقـلة الفجر جـمال حضـوره
و لنبعة القدس الشريف تبتلت صـلواته و تكحـلت لضمــيره
تـرنـو معانقـة الهدى مفتونـة و الشوق يـأسرها لنهل نـميره
و تصوغ من ضافي الشعور خمائلا سجعت حمائمها بلحن عــبيره
فتمايست فـي حضن آمنــة بــه تهفو لوديـان الحجـــاز و طـــوره
و تحــولت شهب السماء يراعـــة و مــدادهـا ينساب فـي دستوره
مــا انهد إيوان لكسـرى خــائـرًا لكــنه لـــثم الــتراب لنـــوره
شـرفًا لــموعـده أحيطت مكــة بحـنانــه و توشحت بزهـــوره
فـالـلـه جـللهـا بهــدب عـنــايـة و نثــار فرحتهـا نفــير طيوره
فــإذا السماء تقاطــرت أجفانها زفت حشـاشتها إلـى تـقـديره
و إذا الملائك و الحنين يؤمـهـا أصـغت طبيعتها إلى تــأثيره
خفقات زمـزم مـا تنفس بـوحـها إلا تناجت فـي هــــوى بــلوره
أمسى الصفا و المروة الولهى بـه يتهامسان بحسـنه و ســـروره
غزلت ضفائرها تِهامـــة لهفــة تهدي ريــاحـين اللقاء لـحــوره
و قريش طـوقها الأمـان , و هـاشمٌ غـرست تباشير المنى فـي دُوره
و كعــاشق رفت عرائس يثرب نثرت لــذائذهـا بمسك غـديره
إشراقــةٌ وحي السماء فصولـها و وفــاؤها يحمي جليل سطوره
أمست مناقب عصره فتــانــة فهــفت مشـاعرها إلى تصويره
كتبته آمنة بحـبر جَنانها و فـدتــه بالأنفاس عنــد بكوره
حتى إذا بـلغت شـمائل روحــه غـايـاتـِها و تــكللت ببذوره
و تعززت قيم الفضائل عنــده تشتـاق أعــينها لنبــل جــذوره
و تميس فـي وجــدانــه بتبتل يسقي المــدى بصفائه و هـديره
أفضـت إليه تصطفي خلجاتــه بــزوارق ترتـاد شـهد بحـــوره
حفظته في هـدب العيون و خَلدهــا و حمته من شـوك الردى و شـروره
كم أرشفته من صميم فـؤادهــا أمــلا يرافقــه لـجسـر عبــوره
في نشوة خجـلى تسـرح غصـنه حتى إذا سرحت بسر ضفيره
هبت إليه تنتشي وجنــاتـه و العنفـوان يـضـوع في تعبيره
ولـدت مع الفجـر المبين رسـالـة شعت ففـر الجهــل من ديجـوره
أضحت تـؤسس أمـة رحمــاتها تــجتــاز عـسـف عـصــوره
تبني صــروح العــدل دون تــردد و تشـد للميزان جـبر كسـوره
يــا أيـهـا النصر الذي رايـاتــه فضحت من الشيطان زيف غــروره
و تمخضت عن عــزة شــماء مـــا جــرعـت هـــوان فــتـــوره
غـير الشجـاعـة و الكـرامة و الإبـا مـا رسخته بالأمــان و ســـوره
فـي دار هـجــرته الإخــاء أسـاور مـزدانــة بين الهــدى و نصـيره
فـي قيـد ذاكـرتي تـجول مشاهد و يـراعتي تسعى إلـى تحــريره
تلقــاه فـي الغــار يشكل دوره و يضم حكمتــه إلى تــسخــيره
حتى إذا جرت الرسـالة نحـــوه و تبادرت لسكونـه و قـريره
ألفــاه جبريلٌ خــلاصـة رحمــة آوت إلى عــرش النهى و ستوره
حتى إذا تـاق البراق لقدســـه صلت محاجـره بقدس خـدوره
و سما العروج بمهجة نبويــة عقدت حقيقتها بوعــد ظـفوره