معاناة اللغة العربية في الجزائر.. التكفير اللغوي والصراع مع الفرنسية في مجلة الجديد
مروة أحمد
اختارت مجلة "الجديد" أن تستهل عددها الشهري الأول من عامها الثاني، وهي تلقي الضوء على حال اللغة العربية، من خلال عدة مقالات ناقشت أدوار اللغة العربية ومشكلاتها في مجتمعات عربية، تتكلم لغات شتى، وتصدر عن مرجعيات لغوية وثقافية متعددة.
"الجديد" مجلة إماراتية بدأت في الصدور عام 2015 وتتولى توزيعها مؤسسة "الأهرام".
المجلة منفتحة على الإبداعات الأدبية المبتكرة، سردا و شعرا و مسرحا، و على التيارات الحديثة في الفكر العربي، وتتيح صفحاتها للأقلام العربية المبدعة المنادية بالتغيير الاجتماعي و الثقافي و السياسي.
فاللغة _ وفقا للكاتب جاد الكريم الجباعي _ لغز لا يقل غموضا و إبهاما عمن يتكلمونها، لا من حيث نشأتها و تطورها فقط، بل من حيث ماهيتها و طابع علاقتها بالمعرفة و الفكر و الآداب و الفنون و العلوم والخرافات و الأساطير أيضا.
وفي مقال آخر تضمنه العدد ذاته رأى الكاتب اليامين بن تومي أن اللغة العربية تعاني اليوم بسبب العجز الرهيب الذي يمنعها عن متابعة مختلف التطورات العلمية و المعرفية، مما يجعلها غير قادرة على أن تصبح لغة العصر.
وأفردت "الجديد" مساحة مطولة لمناقشة الصراع بين اللغتين العربية والفرنسية، وذلك في ضوء رواية "بان الصبح" لعبد الحميد بن هدوقة، التي تعد من الروايات الجزائرية العربية القليلة التي تصدّت لموضوع حرب اللغات بين العربية والفرنسية؛ إذ يعتبر بن هدوقة مؤسس الرواية الجزائرية ذات الحرف العربي.
الرواية ترى أنه لأسباب تاريخية تتعلق بالاستعمار الفرنسي، الذي دام لقرن و ربع قرن، عاش المجتمع الجزائري بعد الاستقلال صراعا لغويا حادا بين اللغتين العربية و الفرنسية، وصل إلى درجة أن الأدباء الجزائريين ممن يكتبون بالعربية وصلوا إلى درجة "التكفير اللغوي" لبني جلدتهم من كتّاب اللغة الفرنسية.
وفي المقابل استمات هؤلاء الأدباء في الدفاع عن مشروعية الكتابة بالفرنسية، التي ارتقوا بها إلى مستويات أدبية لم يدركها الكتاب الفرنسيون أنفسهم أحيانا، كما دافعوا عن مشروعية استعمالها خارج الكتابة الإبداعية، كلغة عمل وتواصل بين الجزائريين داخل مجتمعاتهم.
كذلك تضمن العدد الأخير من مجلة "الجديد" عرضا لكتاب "أوضاع اللغات السودانية والتخطيط اللغوي" لكاتبه الدكتور بهاء الدين الهادي خير السيد، الصادر في الخرطوم مؤخرا.
و بحسب الكتاب، تعد البلدان المتنوعة لغويا و عرقيا ذات ثراء ثقافي ينعكس على كافة مناحي الحياة فيها، محذرا من أن يتحول هذا الثراء إلى نقمة و بلاء، يؤديان إلى تدمير البلاد إذا ما تمادت الأغلبية بديكتاتوريتها، وعمّت البلاد سياسات خاطئة.
و وفقا للكتاب أيضا يقود الجهل بتنوع مجتمعاتنا، وعدم احترام خصوصية كل فئة، إلى تضخم الأنا عند الأقليات، مما يدخل عقلها الجمعي في متاهة الأوهام، فتبدأ في حبكة أساطير عن ماضيها العريق.
بوابة الأهرام