الضمائر - 1
م. محمد يحيى كعدان
يقول الدكتور أحمد محمّد قدّور (الأستاذ في قسم اللغة العربية في جامعة حلب) في كتابه "مبادئ اللسانيات" من منشورات دار الفكر – دمشق 1996:
" الضمير: هو كلمة جامدة ليست بذات أصول اشتقاقية تدلّ على عموم الحاضر أو الغائب. فالضمير لا يدلّ على مُسمّى كالاسم، ولا على موصوف بالحدث كالصفة، ولا على حدث وزمن كالفعل.
ويُقسم الضمير كما يرى تمّام حسّان إلى قسمين كبيرين هما: ضمائر حضور، وضمائر غيبة، ولكلّ من هذين القسمين فروع. فضمائر الحضور تشمل ضمائر التكلُّم والخطاب والإشارة، وذلك على هذا النحو:
1- تكلُّم: أنا – تُ – ي / نحن – نا – نا. والأمثلة هي على التوالي: أنا، كتبتُ، كتابي / نحن، كتبنا، كتابنا.
2- خطاب: أنتَ – تَ – كَ / والأمثلة هي: أنتَ، قرأتَ، كتابكَ. وهكذا سائر الأمثلة:
أنتِ – تِ – كِ / أنتما – تما – كما / أنتم – تم – كم / أنتنّ – تنّ – كنّ.
3- إشارة: هذا – ذاك – ذلك / هذي – هذه – تلك / هذان – ذانك / هاتان – تانك / هؤلاء – أولئك / هنا – هناك / هاهنا – هنالك.
أمّا ضمائر الغيبة فتشمل الضمائر الشخصية والموصوليّة، وذلك على النحو التالي:
1- ضمائر شخصية: هو – ه. والأمثلة: هو – كتابه / هي – ها (كتابها) / هما – ا (قرأا) – هما (كتابهما) / هم – وا (فازوا) – هم (نصرهم) / هنّ – نَ (قرأنَ) – هنّ (كتابَهُنّ).
2- ضمائر موصوليّة: الذي – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة / التي – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة /
اللذان – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة / اللتان – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة /
الذين – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة / الأُلى – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة /
اللائي – مَنْ – ما – أيّ – أل الموصوليّة.
أمّا خصائص الضمير من حيث المبنى والمعنى معاً، فتتلخّص فيما يلي:
1- يدلّ على مطلق الحاضر أو الغائب.
2- لا يتّضح معناه إلا بالقرينة.
3- يُستغنى به عن تكرار الاسم.
4- لا يُثنّى ولا يُجمع إلا ما شذّ. (يذهب بعض النحاة إلى أنّ علامات التثنية والجمع اللاحقة لأسماء الموصول والإشارة علامات بناء تلازم الصيغ، لذلك أبقوا عليها مبنيّة كغيرها. وهذا دليل على استشعارهم جمودها وعدم تصرفها).
5- لا تدخله (أل) للتعريف. أمّا الضمائر الموصوليّة ففي بعضها أل لازمة.
6- لا يقبل الإضافة فلا يكون مضافاً، ويكون مضافاً إليه أحياناً (الضمائر المتصلة).
7- ليس له أصول اشتقاقية ولا يتصرّف.
8- لا يقبل التنوين، وهو مبني إلا ما شذّ.
9- لا يقبل الجر لفظاً، بل يقبله محلاً.
10- ضمائر الشخص لا تُنعت.
11- الموصول منه لا يُنعت ولا يُؤكّد ولا يُعطف عليه ولا يُستثنى منه إلا بعد تمام الصلة.
12- ليس له صيغة معيّنة.
13- لا يقبل أيّ لاصقة من لواصق الأسماء أو الأفعال إلا ما شذّ.
14- لا تتعلّق به المنصوبات والمجرورات (كالظروف والجارّ والمجرور).
15- يقبل (ها) التنبيه.
16- يُعدّ ما كان منفصلاً منه أو مستقلاً في مباني التقسيم، على حين يُعدّ المتّصل في لواصق التصريف. ".
أقول: لننظر كما تم ذكره أعلاه في ضمائر الحضور عن التكلُّم والخطاب:
لتكن الصيغة " أنا زيدٌ "، ندرسها كما يلي: أ(نا(زيدٌ)).
وجود تآلف (أ) مع الصيغة ن(ا(زيدٌ))، وهي شكل (عام) غائب معروف للمتكلم فقط ( ن 10010 ) (اختص بالمتكلم فقط)، لعنصرٍ متآلف مع المتكلم والمستمع ( ا 11111 )، هو: زيدٌ.
حيث أنّ ( ن 10010 ) شكل لعنصر غائب معروف للمتكلم، فهذا يدلّ على أنّ المتكلم يقوم بتكوين (تشكيل) اسم عام لهذا العنصر الغائب المعني. وبالتالي فالصيغة " أنا " تدلّ على تآلف (أ)، اسم (ن)، مألوف (ا). هي تدلّ على المتكلّم.
لتكن الصيغة " أنتَ زيدٌ "، ندرسها كما يلي: أ(ن(تَ(زيدٌ))).
وجود تآلف (أ) مع الصيغة ن(ت(زيدٌ))، وهي شكل (عام) غائب معروف للمتكلم فقط ( ن 10010 ) (اختص بالمتكلم فقط)، لشكل (عام) لعنصرٍ حاضر باستقلال عن المتكلم والمستمع لغيابهما ( ت 01010 )، هو: زيدٌ.
حيث أنّ ( ت 01010 ) شكل عام لعنصر حاضر مستقل عن المتكلم والمستمع فهو يمثل العنصر الثالث. هذا يدلّ على أنّ المتكلم يقوم بتكوين (تشكيل) اسم عام (ن) لهذا العنصر الثالث. وبالتالي فالصيغة " أنت " تدلّ على تآلف (أ)، اسم (ن)، لعنصر ثالث غير المتكلم والمستمع (ت). هي تدلّ على المخاطب.
إنّ إشارة الفتح فوق التاء تدلّ على المخاطب المذكّر (التشكيل) وهو الأصل في الصياغة. كما في: قرأتَ.
أمّا إشارة الكسر تحت التاء فتدلّ على المخاطب المؤنث وهو ثنوية المذكّر. كما في قرأتِ
وإشارة الضمّ فوق التاء تدلّ على المذكّر والمؤنث معاً وهو المتكلّم. كما في قرأتُ.
تحدّثنا في مقالنا قبل الأخير عن الصيغة " أنْ ". وبما أنّ الصياغة تكون من اليسار إلى اليمين، تعني:
معرفة المتكلم فقط بشكلٍ عام لعنصر غائب ( ن 10010 )، يتم التآلف معه ( أ 11111 ). أي يتم إحضاره وتوصيفه ونقل المعرفة بشكله العام من المتكلم إلى المستمع. فهي تفسيرية ومصدرية، تأتي بالدلالة من مصدرها عبر المتكلّم.
بداية، العنصر غير حاضر (غائب)، ولكن المتكلم يعرف شكلاً عاماً عنه أي يعرف اسمه، وبالتالي ليس ضرورياً أنْ يكون الاسم مُوّصفاً، أي ليس ضرورياً أنْ يكون تعريفاً بالمسمى (لأنه شكل فقط)، لذلك يمكن للاسم أنْ يكون مصطلحاً ما، كما في تسمية أبنائنا، أو كما في انتقال كلمة من لغة إلى أخرى فهي تدرج كاسم اصطلاحاً.
بينما أثناء الصياغة بالصيغة " أل " فنحن أمام تعريف، لأنها تعني:
بداية، يوجد متكلم ومستمع مع غياب العنصر وعدم معرفتهما شيئاً عنه ( ل 10100 )، فيتم التآلف معه ( أ 11111 ). أي يتم إحضاره وتشكيله وتوصيفه، أي تعريفه، إلى المتكلم والمستمع معاً.
الآن لتكن لدينا الصيغة " أي "، تعني:
معرفة المتكلم والمستمع معاً بشكلٍ عام لعنصر غائب ( ي 10110 )، يتم التآلف معه ( أ 11111 ). أي يتم إحضاره وتوصيفه. فهي تفسيرية.
لتكن الصيغ " كتابي ، دفتري ، قلمي " ، حيث يبدأ المتكلم حديثه بالياء عن عنصر غائب معروف شكله العام للمتكلم والمستمع، ثم يتابع حديثه عن صياغة هذا العنصر بالصيغ: كتاب، دفتر، قلم.
منه نرى أنّ ياء النسبة تفيد أساساً نسبة العنصر الغائب المتحدّث عنه إلى الصيغة التي تصيغه، مثال: صحابي، حلبي، ..إلخ. كما أنها يمكن أن تكون دلالة على النسبة إلى المتكلم الذي هو مستمع أيضاً من المستمعين وقد يكون المستمع الوحيد على الأقل ( ي 10110 ).
نلاحظ أنّ: ( ي 10110 ) = ( غ 00100 ) + ( ن 10010 ) (اقرأ من اليسار إلى اليمين).
يعني: الياء هي نونٌ مع غين، أيّ: اسمٌ لدى المتكلّم (ن) لغاية في الطرف الآخر للصياغة عند المستمع (غ).
بالتالي نحن أمام: حيازة، أو ملكيّة، أو نسبة.
|