المغرب.. فرنسة العلوم تغضب المدافعين عن اللغة العربية
نورالدين البيار
عاد موضوع "فرنسة التعليم" إلى الواجهة بالمغرب، بعد قرار وزارة التربية والتعليم تدريس المواد العلمية والتكنولوجية باللغة الفرنسية في المرحلة الثانوية بدءا من الموسم القادم الذي يبدأ في سبتمبر /أيلول.
وفيما اعتبر المدافعون عن القرار أن الأمر مهم للتلاميذ الذين يدرسون هذه المواد بالفرنسية في الجامعة، رأى المدافعون عن اللغة العربية أن الأمر يعتبر ترسيخا للتبعية العمياء للدولة الفرنسية ومسمارا في نعش تعريب التعليم .
وسبق لوزير التربية والتعليم رشيد بلمختار، (الذي لا ينتمي لأي حزب سياسي) أن عمم مذكرة وصفت بـ"المثيرة للجدل" على الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين التابعة للوزارة، في نونبر/تشرين الثاني، تتعلق بتدريس مادتي الرياضيات والفيزياء في الثانوي، كما أنها تهتم بالفرع المشترك التكنولوجي وشعب ومسالك التقني الصناعي في جميع مستوياته.
هذا الأمر دفع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ساعتها، إلى توجيه نقد لاذع لوزير التربية والتعليم من داخل قبة البرلمان المغربي. حيث طالب بنكيران الوزير بلمختار أن يهتم بالأمور الأساسية التي تهم الأساتذة والمتعلمين، ويترك الأمور الكبيرة إلى أن يحين وقتها.
منير جوري، الباحث في قضايا التربية والتعليم، قال بأن الموضوع له بعد ثقافي وسياسي مرتبط بترسيخ وجود اللغة الفرنسية في المغرب وبالتالي وجود الدولة الفرنسية في صناعة النخبة.
وأضاف جوري في تصريح خاص لـ"الإسلام اليوم" إذا ما كان هناك داع لتدريس العلوم بلغة أجنبية، فمن باب أولى تدريسها بالانجليزية باعتبارها لغة عالمية ولغة العلوم التي تتطور بشكل كبير مقارنة بالفرنسية التي تتراجع حتى في فرنسا نفسها.
ويرى ذات الباحث في هذا السياق أنه "ينبغي النظر في التعليم العالي الذي يعرف فرنسة شاملة حتى يتمكن التلاميذ من تهيئة أنفسهم في المرحلة الثانوية."
أما عبد العزيز إيوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم (مستقلة تابعة للفدرالية الوطنية للشغل) فقد دافع عن فرنسة العلوم، بالقول إن "موقف أطراف في الحكومة مثير لأنها انتقدت اعتماد الفرنسية بينما صمتت عن اللغة الإنجليزية التي هي تعبير لغوي للهيمنة الأمريكية" .
وأضاف ايوي في حديث لـ"الإسلام اليوم" أن الأمر يمكن أن يشكل انفتاحا على اللغات خاصة بين أبناء الفئات الشعبية، الذين تبقى آفاقهم محدودة، على حد قوله .
ورأى أن المشكل في التدبير وعلى الحكومة ووزارة التعليم أن تحدث توازنا بين مختلف اللغات المعتمدة.
من جهته، قال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ،"إن استخدام الفرنسية من أجل تدريس المواد العلمية والتقنية في المدرسة المغربية هو تراجع عن مسار التعريب الذي بدأه المغرب والذي كانت تنظر إليه الحركة الوطنية على أنه مزايلة عن الشكل الاستعماري هوية ولغة"، واصفا الأمر بالانقلاب "على مضامين الدستور المغربي الذي تحدث عن لغتين رسميتين ولم يتحدث عن اللغات الأجنبية، وإنما يِؤخذ من لغات الانفتاح ما يمكن استعماله حين الحاجة ".
وأشار بوعلي في حديث خاص لـ"الإسلام اليوم" أن الدراسات والبحوث العلمية وحتى التقارير الأممية (مثل تقرير التنمية البشرية وتقرير مجتمع المعرفة) كلها تقر بما لا يدع مجالا للشك بأن أي تقدم وأي تنمية لا يمكن أن يتحققا، إلا عن طريق جعل لغة العلم ولغة المعرفة ولغة التعليم هي اللغة الوطنية، وأعتقد أن اللغة العربية هي اللغة المؤهلة في هذا المجال .
وشدد المتحدث ذاته، أن هذا القرار يعد اجترارا للتخلف وللأزمة وليس حلا لمشكلة التعليم في المغرب، لأن مشكلة التعليم في المغرب وفق بوعلي هي "أزمة مركبة من مجموعة من العناصر واللغة المؤهلة للخروج بالمدرسة المغربية من هذا النفق هي اللغة العربية".
الإسلام اليوم