الغاضبون من فرنسة الفواتير بالجزائر يلجؤون للقضاء
في مبادرة غير مسبوقة، قرر جزائريان مقاضاة شركتين وطنيتين لإجبارهما على إرسال الفواتير بالعربية والأمازيغية؛ بوصفهما اللغتين الرسميتين للدولة بدل الفرنسية.
وأثارت هذه المبادرة ردود فعل متباينة في الشارع الجزائري بين مساند لها ومطالب بتعميمها، وبين رافض لها.
وكان أمين بخة رفع دعوى قضائية ضد شركة "سونلغاز" المتخصصة في توزيع الكهرباء والغاز، يطالب بإجبارها على إرسال فواتيرها باللغتين العربية والأمازيغية بدل الفرنسية.
أما الدعوى الأخرى فرفعها لوز جلال ضد شركة اتصالات الجزائر، واستند المدعيان إلى المادتين الثالثة والرابعة من الدستور الجزائري، اللتين تنصان على أن اللغة الرسمية للدولة هي العربية، وأن الأمازيغية لغة وطنية.
وكلا المواطنين من دائرة عين مليلة بولاية أم البواقي (خمسمئة كيلومتر شرق الجزائر العاصمة).
وأوضح لوز جلال أنهم "يستقبلون الكثير من التعاملات الإدارية بلغة أجنبية ليسوا مطالبين بفهمها، ولا قراءتها، لأنها ببساطة أجنبية وغير منصوص عليها في الدستور، على عكس العربية والأمازيغية".
ويقول إن المبادرة لاقت استحسان "وتشجيع جل الناس من المواطنين العاديين والشخصيات الوطنية، والإعلاميين".
دعم حقوقي
وأكد أن المبادرة تلقى دعما من الحقوقيين، وأن العديد منهم اتصل به لتقديم المشورة القانونية، ويضيف أن الكثير من الجزائريين أبلغوه بأنهم بصدد "رفع دعاوى مماثلة، ومنهم من رفعها فعلا".
وقال لوز جلال إن الجزائريين بعربهم وأمازيغهم يعدّون الفرنسية لغة أجنبية ستنتهي عما قريب جدا، مع رحيل ما تبقى من الموظفين الذين تلقوا تعليمهم مجبرين أو مخيرين لدى المستعمر.
ويعتقد بأن "الوقت حان ليقول الجميع كفى، ولندافع عن هويتنا العربية والأمازيغية بكل الطرق والوسائل المتاحة".
من جانبه، يرى مدير مدرسة بابل للغات نور الدين بسعدي أن هذه المبادرة تسلط الضوء على التناقض الكبير بين القوانين الصريحة في رسمية ووطنية العربية والأمازيغية وبين الواقع، حيث تستخدم الفرنسية على نطاق واسع.
الحقوق اللغوية
ويعتقد بسعدي -وهو أستاذ اللغة الفرنسية بجامعة مولود معمري في تيزي وزو- بأن هذه المبادرة قد تسهم في وضع الدولة الجزائرية أمام مسؤولياتها من الجانب اللغوي وفي تقليص الفوارق الموجودة في الجزائر في ما يخص الحقوق اللغوية، التي تعاني منها الكثير من شرائح المجتمع الجزائري، خاصة الناطقة باللغة الأمازيغية".
لكن هناك أصواتا تنتقد هذه المبادرة، مما يعكس الصراع اللغوي المتجذر داخل المجتمع الجزائري بين التيار العروبي والفرانكفوني.
ويشدد الناشط محمد بركاني على أن هذه المبادرة لا تمثل أولوية بالنسبة للجزائريين، وكان الأولى بأصحابها أن "يرفعوا دعاوى قضائية لإجبار الشركات العمومية على خفض أسعار الفواتير ولا يهم بعد ذلك إرسالها بأي لغة".
الجزيرة
|