عبد القادر الكاملي
يتردد مصطلح إنترنت الأشياء (بالإنجليزية IoT) في هذه الأيام على ألسنة الناس في معظم بلدان العالم. ويشير هذا المصطلح إلى شبكة من الأجهزة والمركبات والمباني وغيرها من العناصر التي تتضمن شرائح إلكترونية وبرمجيات وأجهزة استشعار، تتصل مع بعضها من خلال الإنترنت، مما يسمح لها بجمع وتحليل وتبادل المعلومات فيما بينها من جهة وبينها وبين البشر من جهة أخرى.
تقدر شركة ماشينا للأبحاث (Machina Research) أن عدد الأجهزة التي تستخدم إنترنت الأشياء في العالم بلغ نهاية عام 2015 نحو ستة مليارات جهاز، وأن حجم مبيعات إنترنت الأشياء بلغ 750 مليار دولار عام 2015.
وتتوقع الشركة أن تصل قيمة السوق العالمية لإنترنت الأشياء إلى ثلاثة تريليونات دولار، وأن يبلغ عدد الأجهزة التي تستخدم إنترنت الأشياء 27 مليار جهاز عام 2025. وتعتبر تقديرات هذه الشركة الأكثر تحفظا، فشركة آي دي سي للأبحاث تتوقع أن تصل قيمة سوق إنترنت الأشياء إلى 7.1 تريليونات دولار عام 2020.
"يتوقع أن تشهد السنوات المقبلة تزايدا كبيرا في عدد الأجهزة المتصلة من خلال إنترنت الأشياء، وسيزداد بالتالي حجم المعلومات التي سيتم تبادلها بسرعة فائقة"
إنترنت الأشياء في دول الخليج
بافتراض أن سوق مجلس التعاون الخليجي لإنترنت الأشياء يعادل 1% فقط من إجمالي السوق العالمية، وهو رقم محافظ مقارنة بالمعدلات السابقة، التي ترتكز على تقديرات شركة ماشينا المحافظة، وبافتراض أن مستوى انتشار إنترنت الأشياء في بلدان مجلس التعاون الخليجي سيتناسب مع المعدلات العالمية في المستقبل، فمن المتوقع أن يبلغ عدد الأجهزة التي تستخدم إنترنت الأشياء في بلدان مجلس التعاون الخليجي نحو 270 مليون جهاز، وأن تبلغ قيمة المبيعات فيها نحو ثلاثين مليار دولار عام 2025.
يتوقع أن تشهد السنوات المقبلة تزايدا كبيرا في عدد الأجهزة المتصلة من خلال إنترنت الأشياء، وسيزداد بالتالي حجم المعلومات التي سيتم تبادلها بسرعة فائقة، فهل سيتحدث الجميع لغة واحدة هي الإنجليزية؟
لا شك أن اهتمام الشركات الكبرى بتوفير إمكانية تخاطب أجهزتها بلغات عديدة ستمثل أولوية بالنسبة لها، وسوف تحظى اللغة العربية باهتمام كبير نظرا لأن معظم بلدان مجلس التعاون الخليجي -وخاصة دولتي الإمارات وقطر- تبنت مفاهيم المدن الذكية التي تتطلب استخداما مكثفا لإنترنت الأشياء، بل بدأت بالفعل في استخدامها من خلال مشاريع ربط ومراقبة العمليات الصناعية والأمن والمباني الذكية ومواقف السيارات الذكية وحركة المرور وحاويات النفايات الذكية، بل بدأت إنترنت الأشياء تتسلل نحو الاستخدامات المنزلية، وإن بشكل خجول.
فكيف ستحل الشركات العالمية معضلة تخاطب أجهزة إنترنت الأشياء بلغات غير الإنجليزية؟ سيكون ذلك على الأغلب باستخدام الترجمة الآلية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الطلب على تقنيات الترجمة إلى اللغة العربية، مع ازدياد عدد الأجهزة التي تستخدم إنترنت الأشياء في البلدان العربية.
وتعتبر حاليا أفضل حلول الترجمة من اللغة العربية وإليها هي تلك التي توفرها غوغل من خلال ترجمتها الآلية الإحصائية. وربما يفي مستوى هذه الترجمة بغرض فهم المعنى في حالات كثيرة، لكنه لا يزال بعيدا جدا عن مستوى الترجمة البشرية.
"استخدام برامج الترجمة الآلية بمستواها الحالي في عشرات ملايين أجهزة إنترنت الأشياء، سيسهم في جعل مستوى التخاطب باللغة العربية ركيكا لتصبح هي القاعدة التي نربي عليها أبناءنا"
ما العمل؟
إن استخدام برامج الترجمة الآلية بمستواها الحالي من قبل عشرات ملايين أجهزة إنترنت الأشياء، سيسهم في جعل مستوى التخاطب باللغة العربية ركيكا لتصبح هي القاعدة التي نربي عليها أبناءنا، بالإضافة إلى حالات سوء التفاهم التي ستحدث بسبب عدم دقة نقل المعاني في مناسبات عديدة.
المطلوب من مراكز الأبحاث العربية وبدعم من الحكومات، أن تستثمر بشكل مكثف في برامج الترجمة الآلية، وخاصة من الإنجليزية إلى العربية وبالعكس، بهدف تحسين أدائها، والمطلوب أيضا الاستثمار في تقنية البحث الذكي في النصوص العربية، لأن البيانات المتجمعة باللغة العربية ستزداد بشكل متسارع، ولابد من تحسين أدوات البحث والاسترجاع.
إن تسليم أقدارنا اللغوية بشكل كامل إلى شركات أجنبية، ليس بالحل الملائم، خاصة أن تلك الشركات لها إستراتيجيات عالمية خاصة بها قد لا تفي باحتياجاتنا. وبما أننا جميعا نتحدث عن خطط للانتقال نحو مجتمع المعلومات، وأهمية الابتكار في تأسيسه، فلا أقل من أن نبتكر في تطوير تقنيات لغتنا العربية التي لا غنى عنها في إنترنت الأشياء.
الجزيرة