|
|
اللغة العربية في مواجهة التحديات
خليل اقطيني
تكتسب المحاضرة التي ألقاها الدكتور محمد حسن عبد المحسن استاذ الأدب العربي الحديث و الدراسات العليا في جامعة حلب ضمن فعاليات جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب في دمشق، اهميتها من كون موضوعها موضوع الساعة ولاسيما في سورية، على أن هذا الأمر لا يقلل من الجهد المبذول في اعداد هذه المحاضرة ولا في القضايا التي اثارتها فقد حملت المحاضرة عنوان (اللغة العربية في مواجهة التحديات تساؤلات الهوية ورؤى مستقبلية)، وبدأها د.عبد المحسن بالحديث عن المخاطر التي تواجه اللغة العربية، مؤكدا ان أخطر ما يواجهها في هذه المرحلة هو تيار الأمركة الجارف في ظل العولمة التي من اهم اهدافها، العولمة اللغوية، ويتمثل ذلك في مظاهر شتى بدءاً من لغة الحديث اليومية، وتداول مصطلحاتها الأجنبية في الاماكن العامة والفنادق والدوائر الرسمية والخاصة والشركات بوصفها (موضة)، ويعدونها حالة تقدمية ويشترطونها للتوظيف والدراسة، وانتقالا الى استخدامها المركز في وسائل التواصل المعاصر من الهاتف النقال الى الشبكة، ومروراً بأسماء المحال التجارية والماركات المسجلة للمنتجات الصناعية والزراعية والحرفية، وانتهاء باعتماد بعض الدول العربية تشريعات وقوانين تحل الانكليزية محل العربية.
ولا يكتفي د.عبد المحسن بهذا الكلام، بل قام بتأطير المشكلة ووقف على اسبابها، من أجل تحديد الأولويات الواجب اتخاذها في مواجهة ما تتعرض له العربية الفصحى من تحديات وهجمات باستخدام اسلوب علمي رصين من اجل الحفاظ عليها لانها تشكل هويتنا القومية، ويقول: إن الإرادة هي المعوّل عليها في تحسين وضع اللغة العربية الراهن، ولا بد من تأسيس استراتيجية عربية من أجل لغتنا التي تعد سياج هويتنا العربية، لذلك من الواجب ان يكون التجانس الثقافي اللغوي هدفا مصيريا للناطقين باللغةالعربية على اختلاف اوطانهم واجناسهم، وذلك لأن اللغة العربية ليست نحوا وصرفا وأدباً.. الخ، إنما هي سلاح استراتيجي يؤسس للحضارة العربية أو يهدمها، ولهذا لا بد من إعادة الاعتبار لشخصية استاذ اللغة العربية النطمية في المسارح والمسلسلات التلفازية والافلام السينمائية التي تعرض صورته المهزوزة، والاعتناء بتعليم الاطفال منذ الصغر، وتطوير مقررات اللغة العربية لغير المختصين في الجامعات ما يجعلها تخدم الاختصاص، إضافة الى توحيد المصطلحات والابتعاد عن عن اللهجات العامية، وعن استخدام التعبيرات والمصطلحات الاجنبية في غير موقعها، والتحرك في هذا الاتجاه بالتدريج، من خلال استخدام اللغة العربية الفصيحة المبسطة القريبة من الناس ما يجعلها أكثر قبولا لديهم، ويجعلهم أكثر تفاعلا معها واتقانا لها.
ولا بد أيضا من تخصيص المدققين اللغويين في الوزارات والمؤسسات المعنية ودور النشر، والتركيز على طباعة المنشورات والاعلانات واللافتات والدوريات والمجلات باللغة العربية الفصحى، واستبعاد اللهجات العامية من البرامج التلفزيونية والاذاعية والصحف واعماد مواد تلفزيونية بلغة قريبة من الفصحى¾ واجراء دورات تدريبية للعاملين في الاذاعة والتلفزيون لتحسين ادائهم اللغوي، لاستبعاد الدخيل والملحون الذي يصفعنا في كثير مما نقرأه ونسمعه ونراه، لما للإعلاميين من دور مهم في نشر الالفاظ وترويجها.
ومن المفيد جدا إنشاء بنك معلوماتي يرعى المعارف العربية، شريطة ان يكون لعلماء اللغة العربية دورهم الفعال في تطوير هذا البنك، كي لا تصير اللغةالعربية لعبة بأيدي المنحرفين والمغرضين والمستغربين، إضافة الى السخاء في انفاق المال في خدمة اللغة العربة، لتكون سلاحا حضاريا نجابه به اعداء لغتنا ووحدتنا، وما أكثرهم اليوم، من خلال تخصيص هامش من ميزانيات الدول العربية للمؤسسات البحثية اللغوية، وتشجيع علماء اللغة لاختراع وسائل جديدة للارتقاء باللغة العربية وتطويرها، وكذلك العناية بترجمة العلوم والآداب الى العربية، والعناية بتعريب المصطلحات العلمية، والاستمرار في عقد الندوات والمؤتمرات محليا وعربيا ودوليا للدفاع عن اللغة العربية في مواجهة التحديات المعاصرة.
ويعد تمكين اللغة العربية من أداء وظيفتها في صياغة الفكر والتعبير عنه وعن متطلبات الحياة من الأهمية بمكان في هذا المجال، الي جانب تفعيل دورها في نهضة الأمة وإحيائها، ولا يكون ذلك إلا من خلال قرارات سياسية ملزمة تحميها من الغزو الثقافي
تشرين
|
|
|
|
|