أ. كفاح حسن المطر
بث البيان حـبوره و لـواءه ليصوغ من وحـي التقى أفياءه
ناجت شواطيك صبابة عـاشق فغدت تداعـب بالرؤى أنـداءه
تسقيه شهدًا من رفيف جنانها طهرًا يحاكي بالعـلا أرجـاءه
أخـذت تغذيه بشائق وجـدها أمــلًا يبارك بالمنى أصـداءه
تبني لـه الأجفان صرح مودةٍ فيخاله وطنًا يصون بناءه
و فؤادها كالمـوج رتـلّ وعــده بزوارق تُهــدي الأمـان هنـاءه
صبًت له رحق العطاء و أجزلت نعماءه و وفــاءه و صفاءه
و بهاءه و نماءه و سخاءه و رجاءه و حياءه و ضياءه
ترنو لغرس الأمنيات مـروءة و تعيد بالحضن الرحيب نماءه
لم يشهد الإحسان برّا صـادقًا إلا وفــته التضحيات جــزاءه
بمعينها قد هذّبت أخلاقه و بروحها قد أسـرجت أضواءه
صاغًت بصفوة فكرها و رشادها ما يلهـم الرأي السديد ثراءه
من بوحها الصـافي و عذب نميره منحت مصابيح الحيـاء غـذاءه
فجـر الطفولة يحتمي بضلوعها مـتدثرًا أحـلامـه و رواءه
ما صاغ قلبي للفضيلة درّةً إلا و كنت بالهدى شـماءه
إلا نسجت للكمال قـداسـة تضفي على الغصن الرطيب رداءه
أماه جفت في يراعي روحُــهُ إن لـم تكوني نبضــه و سقاءه
أماه أهـداب الحنان سحائب سكبت على وجـه الربيع سناءه
حارت نجـوم الليل في جريـانها إن لم تجد في مقلتيك فـضـاءه
إن لم تجــدك للسفينة مرفـأً يهوى الشـراعٌ حـديثه و لقــاءه
فلأنت يا أمـاه ينبوع النـدى لبّت حنايــا خــافقيك نــداءه
و لأنت في القرآن أصدقُ شاهدٍ صانت مفاتيح الغيوب قـضاءه
و لأنت في الوجــدان ديمةُ رحمةٍ تهب الوجــود جمـاله و رخــاءه
و لأنت في المحراب دمعة خاشـع مازال يمـزج بالرجـاء دعــاءه
مـا زال للتسبيح في أعطـافـه نـورٌ يــردّ إلى الضمــير كساءه
أبصرت فيك ملاكيَّ الحاني عـلى شطآني الولـهـى فكنت نقــاءه
حتى إذا انبلجت مشاعر حُلْمِه ألفيت فيـك ســروره و رفــاءه
مازال سـر الكون يصدح ملهمًا بشغافـه عـينَ الحقيقـة هــاءه
و يظل قلبك بالرعــاية عـازفــًا ألحـــانـه و مبشــرًا أبنـاءه
و يظل عرشـك للهــدايـة مسـجدًا سبحاتــه قـد رتـلـت عليـاءه
أفنيتِ زهـرك في وجـود سعادتي و جعلت نور الناظرينِ فــداءه
و رضاك يا أماه قـبـلـة جنتي فلتمنحيني فضلـه و ســخاءه
همس السواقي من ورودك ذائـع يشتاق منك عــبيره و مضــاءه
لم يحظَ يومي بالرغــادة سـاعـة إلا و كنت صباحـه و مســاءه
يمناك بالــبر العـميم تغدقت فـكأنها تهب العليل دواءه
و كـأنها بــحر تألق درّه أوفى الحياة عطاءه و زهـاءه
الحب منك تبتلت أ لــوانــه و تضوعت بالمكـرمـات إزاءه
فيك ارتمى نهر المطامح بـاذلا أنفاسـه و سخاءه و إبـاءه
المجد يخضب في يمنيك قـدره و الحب يرســم من حروفك بــاءه
و الشمس تنسج بالحنان وشـاحها عيـدًا نفـدي بــره و حفـــاءه
