للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

جنون الشاعر وصولجان الناقد

د. زياد بن علي بن حامد الحارثي

 

قال كثير من الأطباء وعلماء النفس إن أبرز ما يلاحظ من ظواهر الجنون نجدها عند الشاعر والمبدع ، لأن الشاعر يودع شعره كل آماله وآلامه وصرخاته وشجونه ، فيظهر الانسجام مع الحياة والناس ، فإبداع الشاعر ينعكس في شعره فتظهر قريحته  صافية جلية ، لا تعتريها الشوائب والشكوك ، وهذا ما ظهر قديماً عند شعراء الطبع ، إذ هي سجيّة أودعها الله لأولئك النخبة من الشعراء ، فكرسوا جهدهم في نتاج قرائح صافية ، ونحن نعلم أن الشاعر يدخل باب الجنون ويخرج منه بينما الإنسان العادي إذا دخل باب الجنون لا يخرج منه ، فكم من شاعر أطلق خياله وأشجانه في فضاءٍ رحب لا حدود له ، وكم أطلق جنونه ليصبح حراً في سماء الإبداع إذ يسمع التصفيق والتشجيع في كل مكان ، ولكن سرعان ما تغير الحال ليُقتل الإبداع في مهده الأخير فوجد الشاعر ما يكبح جنونه ويكسر حواجزه ، إنه صولجان الناقد الذي ظهرت بسببه الصنعة فراراً من لهيب سياطه وحرارة ناره ، فأوجع من أوجع ، يا لك من صولجان أشبه بمطرقة الصانع النارية ! إذ لا تقع على شيء إلا وتطحنه طحناً ، فكم أوجع المبدعين والشعراء ، وكبح من إبداعاتهم ، فظل يطاردهم في الطرقات وفي الليالي والسهرات ، فجثم على نفوسهم وقيد قرائحهم ، وربط ألسنتهم ، فأصبحت خطواتهم نحو التفوق مجهولة ، لا ولن يقف هذا الصولجان عند حدود الشعر فقط ، بل تعداه إلى ذات الشاعر ، فأحرقه بلهيب ناره ، ثم نزل على تراثه فبعثره دون رحمة ، وظل يتفحص فيه كيفما شاء وأراد ، فأقحم نصوص الشاعر بما لا تحتمل وألبسه ثياباً غير ثيابه ، فاتهمه بالجنون والعبث ، وأصبح المبدع طريداً شريداً يحلق في سمائه وحيداً دون أن يراه أحد ، فيشكو للكون ونجومه عذاب هذا الصولجان وويلاته ، والأعجب من ذلك أن هذا الصولجان وجد من يطبل ويصفق له ويشجعه على هذا اللعب بالتراث الأصيل الذي اتهمه بالعبث ، ثم الانتقال إلى نقد هذا العبث ليناقض نفسه بنفسه ، ومع مرور هذه العاصفة تبقى صفحة الإبداع مشرقة مهما تعرض لها العابثون ، ومهما حاولوا أن يسقطوا عليها كسفاً من أوهامهم ، فعين الشمس لا تحجب بغربال ! .

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية